ذكر المُصنِّف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن منشأ الضلال في التسوية بين المشيئة وبين المحبة والرضا، فسوّى بينهما الجبرية والقدرية.
ثُمَّ اختلفوا، فقالت الجبرية: الكون كله بقضائه وقدره، وكل ما يقع فهو محبوب مرضي عند الله تَعَالَى لأنه واقع بمشيئته، والمشيئة بمعنى المحبة، وهَؤُلاءِ لهم جواب بعيد، لكن التركيز هنا عَلَى القدرية النفاة؛ لأن لهم شبهة، وهي قولهم: بما أن المعاصي ليست محبوبة لله ولا مرضية له، إذاً .. فهي ليست بقدر الله، فهي خارجة عن مشيئته وخلقه.
ثُمَّ شرع المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ في الرد عَلَى هذه الطائفة، فذكر التفريق بين المشيئة والمحبة للرد عَلَى كلا الطائفتين، ولكنه استطرد في الرد عَلَى القدرية النفاة، لأن الفرقة التي يُعْلم فساد قولها بالفطرة والعقل، وبالبديهة، وبالعلم الضروري، لا تحتاج إِلَى تفصيل في بيان بطلان مذهبها، لكن الفرقة التي يكون لانحرافها أو لباطلها شبهة قد تلتبس عَلَى بعض العقول فهذه يفصَّل ويطول في كشف شبهتها وبيان باطلها لئلا تعلق تلك الشبهة.